فضائل التسبيح والتهليل في الإسلام

فضائل التسبيح والتهليل:

يُعدُّ التسبيح والتهليل من أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، ويعكسان لُطفًا ورحمة في القلب المؤمن، وتفريجًا للكربات وتيسيرًا للأمور. التسبيح هو تنزيه لله عن النقائص، والتهليل هو القول “لا إله إلا الله”، وهما من أعظم الأذكار التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث الشريفة، وذُكرا في كتاب الله في العديد من الآيات المباركة. وإن فضل التسبيح والتهليل عظيم جدًا في حياة المسلم، ولهما تأثيرات روحية ودنيوية عظيمة، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. من خلال هذا المقال، سيتم تسليط الضوء على فضائل التسبيح والتهليل من الناحيتين الدينية والعلمية، في محاولة لفهم أهميتهما في الحياة اليومية للمسلم.

أولاً: مفهوم التسبيح والتهليل

قبل التطرق إلى فضائل التسبيح والتهليل، يجب أن نفهم ماهية هذه الأذكار.

• التسبيح: هو تنزيه لله سبحانه وتعالى عن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته، وأمرنا الله عز وجل في كتابه الكريم بالتسبيح في عدة آيات، كقوله تعالى: “سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ” (الصافات: 180). كما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذكره في أوقات مختلفة من اليوم، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: “من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حُطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر” (متفق عليه).

• التهليل: هو ترديد قول “لا إله إلا الله” والذي يعد من أبلغ العبارات في الإسلام، ويجمع في معناه جميع أصول العقيدة الإسلامية من توحيد لله واعتراف بحقوقه. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله” (رواه الترمذي).

ثانيًا: فضائل التسبيح

1. التسبيح سببٌ في رفع الذنوب وتكفير السيئات:
   جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حُطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر” (متفق عليه). من خلال هذا الحديث، يتبين أن التسبيح يعادل تكفير الذنوب، إذ أن الإنسان الذي يكثر من ذكر الله عن طريق التسبيح يحصل على مكافأة عظيمة تتمثل في مغفرة ذنوبه.

2. التسبيح يُطهر القلب ويُقوي الإيمان:
   التسبيح يعين المسلم على تطهير قلبه من الشوائب، ويجعل الإيمان يزداد نقاء وصفاء. فكلما أكثر المسلم من ذكر الله، زادت قوة ارتباطه به، وأصبح أكثر صفاءً روحيًا. وعندما يردد المسلم كلمات التسبيح، فإنه يجد نفسه بعيدًا عن فتن الدنيا ومتاعبها، ويشعر بأن قلبه يعتصره السكينة والطمأنينة.

3. التسبيح مصدرٌ للبركة في الحياة:
   من فضائل التسبيح أن الله سبحانه وتعالى يبارك للمسلم في حياته. فالله عز وجل وعد عباده ببركة في الرزق والوقت والقدرة على العمل عندما يكثرون من ذكره. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “من قال سبحان الله وبحمده غُرست له شجرة في الجنة” (رواه مسلم). وهذا الحديث يُظهر كيف أن التسبيح هو سبب في إدخال الإنسان إلى الجنة، بل ويُعطيه بركات في الدنيا.

4. التسبيح وسيلة للشعور بالقرب من الله:
   عندما يردد المسلم كلمات التسبيح، يشعر بوجود الله دائمًا بجانبه. هذه اللحظات من الذكر والتسبيح تزيد في تقوى المسلم وتجعله دائم الاتصال بخالقه، مما يمنحه راحة نفسية وقدرة على مواجهة التحديات اليومية.

5. التسبيح سببٌ في تفريج الهموم والكروب:
   من أعظم الفضائل التي حثنا عليها التسبيح، هو قدرته على تفريج الكروب وإزالة الهموم. فقد ثبت في الأحاديث النبوية الشريفة أن من يكثر من التسبيح يفتح الله له أبواب الفرج. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قال سبحان الله وبحمده في يومٍ مئة مرة كانت له كعدل عشر رقاب” (رواه البخاري).

ثالثًا: فضائل التهليل (قول “لا إله إلا الله”)

1. التهليل هو شعار التوحيد:
   “لا إله إلا الله” هي كلمة التوحيد التي عليها دَار الإسلام. إن التهليل يُعبِّر عن إيمان المسلم بأن الله سبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يستحق العبادة، ولا شريك له في الملك. هي أسمى كلمات التوحيد وأعظمها، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم فضل هذه الكلمة في العديد من الأحاديث، منها قوله صلى الله عليه وسلم: “أفضل الذكر لا إله إلا الله” (رواه مسلم).

2. التهليل سببٌ لدخول الجنة:
   ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “من قال لا إله إلا الله دخل الجنة” (رواه مسلم). وقد بيّن هذا الحديث أن من يردد كلمة التوحيد بصدق ويعمل بها، فإنه يدخل الجنة، وهي أسهل طريق للوصول إلى رضا الله وجنته.

3. التهليل سببٌ في مغفرة الذنوب:
   قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قال لا إله إلا الله، وصدَّق بقلبه، دخل الجنة” (رواه مسلم). هذه الكلمة لا تقتصر على اللسان فقط، بل يجب أن يكون القلب متوافقًا معها، فإذا كان المؤمن يرددها بصدق في قلبه، فإن الله يغفر له ذنوبه مهما كانت، ويُجازيه على هذه الكلمة الطيبة.

4. التهليل يزيل الخطايا:
   من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم التي تؤكد على فضل التهليل قوله: “من قال لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه مسلم). إن هذه الكلمة العظيمة تكفر الخطايا، وتمنح المسلم راحة في حياته.

5. التهليل سببٌ في زيادة الأجر:
   التهليل يعد من أعظم الأذكار التي لها أجر عظيم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر” (رواه مسلم). تكرار هذه الكلمات في اليوم يُضاعف أجر المسلم ويزيد من حسناته، ويُقربه من ربه.

رابعًا: التسبيح والتهليل في القرآن الكريم

أمر الله عز وجل في القرآن الكريم عباده بذكره، وأوصاهم بالتسبيح والتهليل في العديد من الآيات. من أبرز هذه الآيات قول الله تعالى: “يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ” (الحديد: 1). كما ورد في سورة الحشر: “يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” (الحشر: 24). كما ورد في آية الكرسي، حيث يُذكر الله عز وجل بكثرة في الآيات التي تحث على التسبيح والتهليل.

خامسًا: التسبيح والتهليل في الحياة اليومية

إن للمسلم في حياته اليومية فرصًا كثيرة للقيام بالتسبيح والتهليل، من خلال أدائه للصلوات المفروضة والنوافل، وتذكر الله في كل وقت وحين. كما يمكن للإنسان أن يخصص وقتًا من يومه للذكر، سواء في المسجد أو في المنزل أو في أثناء مشيه أو عمله. إن هذه الأوقات تكون بمثابة شحن روحاني، تجعل المسلم دائم الاتصال بالله سبحانه وتعالى، ما يمنحه طمأنينة وسكينة في حياته.

الخاتمة

في الختام، يمكن القول إن التسبيح والتهليل هما من أيسر العبادات وأكثرها بركة. إنهما ليسا مجرد كلمات تُقال باللسان، بل هما مفتاح للبركة، والمغفرة، والتقوى. يظل التسبيح والتهليل من أبرز الأذكار التي تعين المسلم على حياته اليومية وتمنحه الأجر العظيم في الدنيا والآخرة.